مقالات

– الجزيرة..

بقلم : سمير شوقي

مرة أخرى، يتضح أنه في الإعلام العربي هناك الجزيرة.. والباقي.
أحداث غزة الأليمة كانت ومازالت فرصة ليقف الجميع على مهنية هذه القناة وحرفيتها في نقل المشاهد إلى قلب الحدث.
فمنذ أول غارة صهيونية، جعلت الجزيرة كل العرب يلتصقون بشاشات التلفزة، لتنقل لهم أولا بأول ما يجري من مذابح في حق شعب عربي أعزل ولتفضح، على لسان المواطنين العرب من المحيط إلى الخليج، تخاذل وإفلاس الأنظمة العربية…
من غيرها فعل ذلك؟
لعلكم قمتم بتمرين المرور عبر القنوات العربية الرسمية وغير الرسمية واتضح لكم الفرق. بالطبع، لا يمكن الإدعاء بأن عمل «الجزيرة» كان كاملا.. فالكمال لله، لكن الأمور تقاس بمجملها وليس بـ«كلها». كما أن هناك من روج لفكرة أن الجزيرة تتاجر بمأساة الشعب الفلسطيني، لكن نفس الجهات لا تعترف بأن نفس الجزيرة هي التي حركت الشارعين العربي والغربي. لا أعتقد أن هناك ساذجا واحدا في العالم العربي خرج لمظاهرات بعد متابعته للنقل الرسمي للعدوان الصهيوني على غزة. نفس الشيء بالنسبة إلى العالم الغربي، حيث حركت الجزيرة وأختها بالإنجليزية كبريات العواصم الأوربية وحتى أمريكا وأستراليا. فالكل شاهد كيف تتعامل تلفزيونات أوربا وأمريكا مع الحرب على العزل في غزة وكيف تتجاهل عشرات بل مئات الشهداء الفلسطينيين وتركز على جريح هنا ومفزوع هناك في الجانب الإسرائيلي، واصفة «صواريخ» المقاومة بسلاح الإرهاب الذي يعتدي على أمن وسلامة مواطني إسرائيل.
هناك من العرب من لا يرحم ولا يترك الرحمة الإلهية تنزل.
هذا هو حال الذين ينتقدون أداء الجزيرة في تغطية الحرب على غزة لأنها في الواقع عندما تقوم بتغطية كهذه فإنها تعري الأنظمة الرسمية المفزوعة على كراسيها.. وتعري كذلك تواطؤ الإعلام العربي الخنوع.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فلا بد من الاعتراف بأن قطر التي تقف وراء الجزيرة تبقى لغزا محيرا، فهي صاحبة فكرة قناة قومية بكل المقاييس، وهي صاحبة مبادرة الصلح بلبنان، وبالأمس ندد واستنكر أميرها الهجمة الشرسة على غزة .. لكنها نفس قطر التي تحتضن القاعدة الأمريكية بمنطقة «السيلية» والتي كانت تنطلق منها الطائرات لتقصف بغداد، وهي نفس قطر المُطبعة مع إسرائيل رسميا والتي لم تتحدث قط عن قطع قنواتها الديبلوماسية مع الكيان الصهيوني كرد على حرب الإبادة التي تمارسها الآلة الصهيونية ضد الأشقاء بفلسطين.
هناك فعلا حالة شرود غريبة بين قناة تقوم بتعبئة الشارع العربي وضحد آلة الدعاية الإسرائيلية وهزم الإعلام الغربي وإيصال الصوت العربي إلى المواطن الغربي وفضح خنوع الأنظمة الرسمية .. وبين مالكيها المُطَبعين والمهرولين!
يجب الاعتراف بأن انتماء «الجزيرة» إلى دولة ذات أجندة سياسية أصبح يشكل عبئا على استقلاليتها وعلى مصداقيتها بالخصوص، خاصة وأن البعض يروج لفكرة استعمال الدوحة كفزاعة لخصومها!
فما أحوج العرب لـ«الجزيرة حرة».

عن صحيفة -المساء المغربية

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button