مقالات

صبرا يا أهلي فالخليفة عند مليك مقتدر… /الهادي بن محمد الحافظ النحوي

سهلٌ أن يباغتك الدهر برحيل رجل عظيم في هذا الزمان الذي لا يفتأ الردى يهتبل فيه فرصته السانحة لاختيار الرفيق وما أدراك ما الرفيق إنه الخليفة الشيخ أحمدو بن لمرابط رضي الله عنه وأرضاه…
رحل الخليفة عنا وترك الأسئلة على الشفاه المطبقة :
المساكين يسألون:
أين اليد التي كانت تمتد إلينا قبل السؤال متهللة وكأننا نعطيها الذي نحن قابضون؟
أين اليد التي كانت تقابل سؤالنا ب”مرحبا بالذين سيحملون إلى الآخرة متاعنا”؟
أين اليد التي كانت بمناسبة أو بغيرها تكسونا ؟
أين اليد التي كانت لا تأكل إلا بعد إشباعنا؟
أين اليد التي كانت لا تشرب إلا بعد إروائنا ؟
أين اليد التي كانت تتحسس آلامنا…تداوي أمراضنا…تشخص وتحل مشاكلنا؟
أين اليد التي كانت حاتم وحامية برينا؟
الشباب يسأل:
أين الأب الرحيم؟
أين السيد الخديم؟
أين المرجع السليم؟
أين الشيخ المجالس بتواضع والمحدث بالنافع والمعلم بالطبائع…
أين من كان يشجعنا بما أوتي من قوة في كل أمورنا؟
أين من أرادنا ـ وأبى إلا أن يرانا ـ شبابا مفصلا على مقياس خلافة السلف البريني رحمهم الله؟
أين من كان أحسن مدرس لنا حين علمنا أعظم دروس حياتنا وهو:
أنتم أبناء أمثالي…
أنتم شبيبة مشيخة يجب أن تكون على حالي…
المريد يسأل:
أين خلافة تسامت حد الفر قدين؟
أين علم جمع بين الحقيقة والشريعة فنهل وعلّ حتى ارتوى من المنبعين ؟
أين قلعة الفضائل و الأخلاق؟
أين سجايا طبعت باتساق :
من ابتسامة مطبوعة على محيا يشع سنى ويتلألأ نورا …
إلى تواضع حير العارف وأذهل القادم وأدخل في قلب المجالس بهجة وسرورا …
أين ملتقى الخلافتين، بل الخلافات…
خلافة الخليفة الوالد الشيخ المرابط بن محمد بن الطلبه، والشيخ الجد الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنه الذي قدم بالطريقة إلى البلاد. . وخلافة الشيخ الجد محمد بن آب رضي الله عنه والشيخ مِن بعده الشيخ سيدي محمد بن آب رضي الله عنه ركن برينة وشيخها ومؤسسها المتحلي بكل سمات القيادة…
حقا، لو لم ندرك تقاطع الخلافتين لقلنا إنها من نسج الخيال، لكنها حقيقة يجدر بنا أن نجعل منها أقصوصة لشحذ همم الأطفال والرجال…
فأين مضت تلك الخلافة كلها ” وكيف مضى الماضي ..

ولله الأمر من قبل ومن بعد..
الدبلوماسي يسأل:
أين مني دبلوماسي حلق ذات يوم بريشة ليبدع فأحسن الإبداع في تمثيل دولته ولأول مرة في العراق ومن بعدها السعودية ولم يكن سهلا على الميدان التفريط في من يحسنه فجاءت تونس التي أرادت الحياة”وما الحياة حينها إلا احتضان مثلكم ياخليفة” ؟
المسجد يسأل:
أين العامر ؟
أين العاكف؟
أين الساجد…الراكع…العابد…الناسك…الذاكر الله كثيرا..
أين من كنت في وقته أنازع فيه بيته؟
أين من كان إلي يقود عشيرته؟
أين من في بنائي صرف بسخاء ماله؟
أين من حفته الملائكة مرارا وهو يتلو قرآنه… أو يسبح في حلقة ذكر مناجيا ربه؟
أين من كان من أولئك الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع؟
أين من قضضت مضجعه مرارا لتعلق قلبه بي؟

البت يسأل:
أين من أذن الله لي أن أرفع بأمثاله؟
أين من كان يذكر فيَ اسم الله ويسبح له فيّ بالغدو و الآصال؟
حقا كان من رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب و الأبصار …

بل إن كل دنيانا بقيت يا خليفة بعدك تسأل …
لأن الأسئلة رديفة الحزن …
والحزن هو حالنا وكيف لا ونحن رعية أصيبت في خليفتها وحامي حماها الخليفة الشيخ أحمدو رضي الله عنه وأرضاه فإن العين لتدمع والقلب ينفطر ولا نقول إلا ما يرضي الرب..

ولكن ما سلونا به هو أن عراقة الأسرة الكريمة ولله الحمد كشجرة فضائل أصلها ثابت وفروعها في السماء…

فحسبنا من أخ سار على الدرب وحمل لواء الخلافة من بعد الخليفة..

كذاك حسبنا من ابن بار خلوق كان فعلا شبلا من ذاك الأسد…

فالله يبارك ويحفظ:

الشيخ الخليفة سيدي محمد محمود.

أستاذي وسيدي الدكتور النائب محمد عبد الرحمن.

سيدي الشيخ محمد الحافظ.
وسائر أفراد الأسرة الكريمة.

أما عن سؤالنا نحن معشر الأبناء:
فإننا نعزي أنفسنا وأهلنا ونصبر ونتصبر لأن صبر الرعية بصبر الرأس :
اصبر نكن بك صابرين

فإنما صبر الرعية عند صبر الراس.
خير من العباس أجرك بعده

والله خير منك للعباس

اللهم إنك أنت القائل “إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا” وهكذا عرفناه فأبلغه المقصد وحقق المنى واحشره مع من سار على دربهم وعاش على نهجهم وشرب حتى الثمالة من كأس حبهم:
مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن ألئك رفيقا.

وبينما أنا أكتب هذه السطور نعى إلي ناع خبر سقوط قلعة أخرى من قلاع الزهد والصلاح والعلم في المنطقة”محمدي بن دهاه رضي الله عنه وأرضاه”فسليت نفسي باستحضار مناقب شرفت يوما ما بمعرفتها “شيخ وقور يترجم ضعف الشيخوخة إلى قوة الشباب حين يسمع حي على الصلاة فيخطو نحو المسجد كالليث يرى فريسته..”
فعلمت أن المصائب”باعد الله بين قطري وبينها” لا تأتي فرادى ..
أجارنا الله في مصيبتنا وحفظ لنا قطرنا وإنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button