مقالات

زمن أبو سعدة / محمد هيبتنه ولد محمد خطري

لا يعرف الحق بالرجال ، اعرف الحق تعرف رجاله (علي بن أبي طالب كرم الله وجهه)

أقام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وهو وال على الكوفة العدل فيها كما أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما كان العدل مكروها بالطبع من الظلمة والفاسقين، وكانت لهم معرفة

بالإشاعة وطرق ترويجها أوصلوا إلى آذان الخليفة الأعدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة بعض التقولات عن سعد.

وكان من منهج عمر التثبت فبعث إلى الكوفة من يسأل عن أخبار سعد فأثنى عليه أهل الإنصاف، فانتدب أهل الفسق والفجور من بينهم رجلا يدعى أبو سعدة قتادة بن أسامة فقال في سعد انه لا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية ولا يخرج في السرية، فقال سعد اللهم إن كان عبدك هذا قام مقام رياء وسمعة فأطل عمره وادم فقره وعرضه للفتن فأصابته دعوة سعد فعرف كذبه.

تقادم الزمان وهلك أبو سعدة معمرا بيد انه لا يزال له عقب بيننا، تسمى بكنية السفاح وتشبع من عفن الفكر اليساري حتى امتلأ مخه المظلم فأعمى بصره وبصيرته فتطاول مثل أبي سعدة الجد على احد القائمين بالعدل السائرين على منهج سعد في هذا الزمان وهم قلة.

لم ينحدر السيد ولد الغيلاني من إحدى الأسر الزاوية في المجتمع الموريتاني الذين يتعاطون القضاء تقليديا ولم يتخرج من احد المعاهد العربية في المشرق ليتأهل بمنطق البعض للقضاء ولكن خالقه عوضه عن كل ذلك بقيم مكتسبة خالطت طينته الصالحة فكان قويا في الحق صريحا في العبارة غير مهادن ولا مداهن، كسب رهانا صعبا حين أهل نفسه للعمل في قضاء معرب وهو المتخرج من نظام تعليمي مفرنس، وسلك طريقا غير سالك حين قرر أن يبقى بعيدا عن ممارسات شاعت للأسف في القضاء فشهد له الجميع بالنزاهة والاستقامة خلال كل مسيرته المهنية.

كان الرجل شابا في بداية عمره الوظيفي حين ألقت به التحويلات وكيلا للجمهورية في ولاية الحوض الشرقي بداية الثمانينيات في مجتمع تقليدي لا يزال التعصب القبلي سائدا في معظم فصائله الاجتماعية وهو الذي نشأ في ثقافة مخالفة في نواكشوط حيث نشأ وترعرع وواكب مراحل قيام الدولة الموريتانية.

وقعت جريمة قتل بشعة في إطار تلك الصراعات القديمة التي تتولد عن الثأر والحمية والانتقام فنهض بقوة وصرامة وباشر التحقيق في ظروف صعبة ينجر فيها كثير من أعوان الدولة إلى تلك الصراعات واقفين في جنب احد الأطراف ويحجم البعض خائفا على نفسه فتضيع الحقيقة.

قادت تحقيقاته إلى كشف الجناة بمهنية عالية وسرعة لم تكن متوقعة، ولم تكن قوى المجتمع التقليدي لتقبل بتطبيق القانون على الجناة من أفرادها والذين يقبلهم المجتمع أبطالا فسوقت إلى مراكز القرار بواسطة مجموعات الضغط القبلية أن وكيل الجمهورية انتزع الاعترافات بالتعذيب، فتعرض الرجل لإحدى الابتلاءات التي يتعرض لها أصحاب الحق في كل وقت فعلق عن العمل لفترة قصيرة كانت كافية لظهور الحقيقة فرفع عنه الإجراء الظالم و أعيد له اعتباره.

فكان يستدعى في كل وقت تبلغ فيه الأزمات في القضاء حدا كبيرا فيشغل الوظيفة مادام باستطاعته أن يعمل وفق منهجه ويستقيل منها ويرمي بامتيازاتها جانبا مهما بلغت حين يحاول البعض أن يدجنه.

وفق في جميع المسؤوليات التي اطلع بها والقضية المشهورة المعروفة بعملية سرقة فرع البنك الموريتاني للتجارة الدولية في كيهيدي وملف طائرة المخدرات في نواذيبو وملفات أخرى حساسة شاهدة على ذلك.

ترأس الهيئة القضائية لاتحاد المغرب العربي وهي هيئة دولية شهدت له المعايير الدولية التي يقيم وفقها أداؤها بالمهنية والأداء والفعالية فنفض عنها غبار السنوات.

عهد إليه بالتفتيش القضائي في الفترة الانتقالية الأولى حين أريد للتفتيش أن يقيم اعوجاج القضاء فأسس للتفتيش قواعد لم تكن قبله، وجعل منه أداة فعالة لقمع الممارسات الدخيلة على العمل القضائي وحاز أول مكافأة بتوشيحه رسميا من طرف رئيس الدولة وقتها.

استدعي لمنصب المدعي العام للمرة الثانية في الفترة الانتقالية الثانية بإرادة سياسية تسعى لإصلاح جديد للقضاء الذي لم يكن حاله أحسن من المرات السابقة ويكفي النظر داخل قصر العدل اليوم من الأبله قبل الفطن ليدرك حجم الفرق قبل السيد وفي فترته.

حضور القضاة والموظفين في الوقت، تنظيم الدخول والانتظار، مكاتب الاستقبال والتوجيه، العمل المنظم والمنساب، الوصول إلى الخدمة العامة بسرعة وسهولة، حفظ الأمن، اختفاء السماسرة، ضعف دور الوسطاء، المحاكمات المستمرة، القبض على عتاة المجرمين، توجت مجهوداته بالتوشيح مرة أخرى هذه السنة أيضا…

سلك السيد في إقامة العدل طريق الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسلك السماسرة والوسطاء والظلمة معه طريقة الشيطان مع عمر ( الفرار من وجهه/ ما سلك عمر فجا إلا سلك الشيطان فجا آخر…

لكن المجوسي أبو لؤلؤة لا يزال حيا ليدعي كذبا أن عدل عمر لم يسعه…

ليس جديدا ولا مستغربا أن يتجرد أحد أساطنة الباطل وكارهي الحق ومزيفي الحقيقة فيتطاول على رمز من رموز العدل ولكن هيهات أن ينال منه…

الم تقل شجرة الدوم (التيدومة) للطائر لما قال لها تماسكي فإني طائر عنك لم اعلم بنزولك أصلا فكيف يؤثر علي طيرانك.

فما أبو العباس إلا احد أؤلائك الذين لم يكرهوا شيئا كرههم للحقيقة والإنصاف في زمرة من السبئيين الجدد الذين وظفوا معرفتهم لنشر الفتن وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وراء ستار مزيف من قيم الديمقراطية والحرية.

اتخذت …… من صحيفة تقدمي وسيلة لنفث سمومها في شرفاء المجتمع وتصفية الحسابات معهم والولغ في أعراضهم، وتأتي هجائية ولد أبراهام ( زمن الددوار) في هذا الإطار.

تأسست هذه الهجائية الحطيئية الدعبلية على أساطير وهمية مستلهمة من تاريخ عبدة النار المجوس رجعها منتسب للشرف انتسابا فاطميا.

مت بغيظك لن تضر السماء أف عليها والكلام وراء ظهر الأسد يزيده رفعة ولي أن أختم لك بقول حسان رضي الله عنه:

أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء.

محمد هيبتنه ولد محمد خطري

m_haybatne@yahoo.fr

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button