مقالات

الإنقلاب و التحكيم

محمد فا ضل بن اعلاتي / كاتب و باحث

إن المتتبع لأمر الموريتانيين هذه الأيام بعد وصول الجيش للسلطة يوم الاربعاء 06/08/2008 عبر المجلس الأعلى للدولة بقيادة الجنرال محمد ولد عبد العزيز سيجد أنهم منقسمون ومتفرقون في الحكم على ما حدث إلى حد التباين وفق مبدأين :
المبدأ الأول يرى في التمسك بالرئيس الأسبق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله أمر لا مناص منه لديمومة الديمقراطبة وإبعاد المؤسسة العسكرية عن السلطة وأن ما جرى هو إغتصاب للشرعية وتراجع عن الإلتزامات السابقة .. ونكوص للمسار الديمقراطي … وقد تبنت هذا الإتجاه غالبية الحركات السياسية والإثنية التقليدية بالإضافة إلى بقية من حزب عادل..
أما المبدأ الثاني فيجد فيه معتنقوه أن إزاحة ولد الشيخ عبد الله أمر كان لابد منه ولا محيد عنه..ويذهبون إلى قناعة مفادها أن كل شئ تعطل حتى المؤسسات الديمقراطية التي يدافع عنها الفريقان المتقابلان , ويمثل هذا الفسطاس غالبية البرلمانيين وأحزاب المعارضة بزعامة تكتل القوى الديمقراطية عدا عن هيئات ونخب ونقابات ووجهاء… ترى في المؤسسة العسكرية عونا على وضع الأمور في سياقها وحرصا على عدم الإنزلاق إلى ما لا تحمد عقباه .

فكيف كان أهل هذه الأرض يحكمون على الأوضاع عبر تاريخهم؟ وكيف لنا نحن اليوم أن نتعامل مع الأحداث الراهنة؟ وماذا لوطفح الكيل ؟ لا قدر الله. إن الفاحص لتاريخ هذه البلاد القديم منه والحد يث تحصل لديه قناعة أنه كان دائما يتجه إلى الإنقسام في الرأي وأحيانا إلى الإصطدام أمام إشكا لات و أحداث كادت تعصف به إلى غير رجعة.

بيد أنه عادة ما يصنفها أهل العلم والحلم في خانة “النوازل” ويبدؤون بالتصدي لها معرفيا حتى تنضح سحنتها وتتضح معالمها وعندها يغيب الليل البهيم ويتنفس الصبح ويتبين الناس منازلهم وتستمر الحياة إلى الأفضل…
فحين وصل عبد الله بن ياسين إلى المنطقة استعصى في بدئه على المجتمع تقبله فوجد نفسه منعزلا في رباط على المحيط مع مريديه إلى أن استقر له الامر وتأسست الدولة المرابطية بفرعيها الشمالي والجنوبي ثم تلى ذلك عهد الإمارات حيث ساد منطق التناحر بينها في ظل غياب أية سلطة مركزية للدولة ومن أشهر حروبها ” حرب شربب ” وظلت البلاد سائبة أو بلاد تكرور إلى أن جاء الإستعمار الفرنسي في بداية القرن الماضي و حينها كما هو معروف اختلف الموريتانيون في كيفية التعامل مع دخول المستعمر. فمنهم من رحب به لضرورة أمن البلاد واستقرارها ومنهم من رأى الصواب في مبدأ المقاومة وإخراج المحتل من أرض الشناقطة , ومع ذلك ظل الطرفان يحترمان آراء كل منهما حول هذه النازلة .. ومع استقلال البلاد بدأت الحياة السياسية بظهور آليات جديدة للحل والعقد تمثلت في مؤسسات دستورية وأحزاب و هيئات مجتمع مدني… إلا أنه إثر كل احتقان داخلي تتدخل المؤسسة العسكرية لإحداث توازن ما يضع حدا لما سبقه من إنسداد حسب الوصف في كل بيان أول.. وبالرغم من بعض الأحداث المؤلمة والمواقف الصعبة التى مر بها الجميع, يتأقلم الموريتانيون مع كل الأوضاع حلوها و مرها..وعند ما تطمئن الأيادي الخارجية إلى هدوء الموقف تواكبه بنوع من الدعم والمباركة.. إلا أن ألأمرعلى ما يبدو مختلف إلى حد الساعة. فطفق كل يعمل على شاكلته سواء في المولاة أو في المعارضة بإ صدار البيانات والمطالبات للداخل والخارج بما يعزز موقفه . لكن أين كل هذا من الصالح العام للمواطن؟ وهل ستتوقف الحياة حتى نرجع رئيسا كان… ؟
إنه ومنذ ثلاثين سنة بعد الإنقلاب الأول على الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله, لم تشهد موريتانيا أن رجع الرئيس إلى حكمه مرتين بعد أن يغادر القصر الرئاسي.

أيمكن لمن له عقل رجيح أن يتقبل أنه عند كل صيحة للسياسيين تضيع مصا لح الناس في المأكل والمشرب والمسكن والتعليم والصحة والأمن والعمل… حتى يلبى لهم ما طلبوا ؟ أين الدعوة المتكررة إلى التنمية الشاملة مع الوحدة والمواطنة؟ إننا إذا لم نبادر إلى حوار وطني شامل بعيدا عن الغر.. والأنا… فإن اصطفافات جديدة ستولد على شاكلة ما يحدث في القرن الإفريقي والبلقان والقوقاز وحينها تتحقق في البلاد قاعدة الجواهري: “:تهودي.. تنصري.. تكردي.. تعربي.” ويومها ينشد العباس بن الأحنف: من ذا يعيرك عينه تبكي بها أرأيت عينا للبكاء تعار

لقد واكبنا هذا الفصل الأخير من المشهد السياسي للبلد بعد مرور سنة على الديمقراطية بعدة مقالات تكشف عن الواقع وما آل إليه.ولمن أراد المزيد فعليه بمراجعة: -ديمقراطية همزة الوصل- مشهد رائث- ومتلازمة الوهن السياسي.
فلنتدبر الأمر ولننظر إلى ما تحمد عقباه.. وللدهر أيام تجور وتعدل…

ولهت إليكم في قضايا تنوبني فوجدتكم فيها كرائم محتد

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button