مقالات

– غزة عبق الشهادة ووهج الريادة

بقلم : أحمدو ولد الأمين الغزالي

ربما لم ينتبه الكثير من المراقبين إلي دلالة تصادف بداية العامين: الهجري والميلادي هذه المرة وما السر في أن يتزامن انصرام عام وإطلالة آخر – سواء بالتقويم الهجري أو الميلادي – مع هذه الحرب الشرسة التي تشنها الآلة الحربية الصهيونية علي شعبنا في غزة؟ وسط صمت عربي يصل حد التواطؤ، وتخاذل دولي يرقي إلي مستوي الإسناد ،ثم ما دلالة توقيت الهجوم في الفترة التي تفصل بين مغادرة مجرم الحرب جورج بوش للبيت الأبيض وتسلم باراك أوباما لمهامه ؟
هي إذن حرب بين زمنين ؟ فهل ستتواصل العمليات العدوانية بعد مجيء أوباما كما بدأت في عهد بوش تماما كما استمرت مع بداية العامين الجديدين ؟
ثم هنالك نقطة رمزية أخري في توقيت هذا العدوان – لم تظهر الإشارة إليها في كتابات من تناولوا الحدث بالتحليل والتمحيص- هي أن هذا العدوان يأتي كحلقة ضمن سلسلة الإساءات الممنهجة لمشاعر المسلمين ،بشن عدوان – علي بقعة من العالم الإسلامي – كلما أطلت مناسبة ذات دلالة عميقة في حياة الأمة
ففي سنة 99 شن العدوان الجوي علي العراق – فيما عرف بثعلب الصحراء – أياما قليلة قبل حلول شهر رمضان المبارك وفي سنة 2006 نفذت الأيادي الآثمة الإعدام شنقا في حق الرئيس الشهيد صدام حسين ،واليوم يأتي العدوان في فترة الأشهر الحرم بكل ما ترمز إليه من قدسية وحرمة وجنوح للسلم ، كأنما يريد المتكالبون علي الأمة أن يقولوا : لا مقدس عند المسلمين و لا اعتبار لمشاعرهم بل لتكن (التحية) مزدوجة :عدوان ودوس علي الكرامة و انتهاك للمحرمات.
لقد بني المتصارعون علي الكعكة الانتخابية في إ سرائيل حساباتهم علي أساس تقديم غزة قربانا إلي الناخب الإسرائيلي ,و تباري المتنافسون علي خطب وده في تقديم باقات الدم التي وزعتها بسخاء طائرات ال أف 16 و دبابات الميركافا والكل راهن علي كسر إرادة الشعب الفلسطيني وغير بعيد كان ثلة من الأشقاء في الدين والدم يتفرجون غلي المأساة علي أمل أن تنقشع الغمة عن غياب لاعب إقليمي لا يشاطرونه رؤيته السياسية، كما أنهم لا يريدون ظهور قوة أخري غير “مروضة” في المنطقة وكأن الخلاف في الرؤى مع هذا الفصيل أو ذاك يسوغ لنا أن نخذل شعبا بأكمله وتركه وحيدا يواجه مصيره
بل لنفترض أن المستهدف هو حركة حماس – كما تزعم اسرائيل ـ أليست حماس حركة مقاومة يجدر بنا أن نقف معها و أن نشد من أزرها؟ فكيف إذا عرفنا أن الهدف هو استئصال شأفة المقاومة بكافة أطيافها وفصائلها وأن العدو الصهيوني لايفرق بين “حمساوي” و لا “فتحاوي” ولا “جهادي” ولا “جبهاوي” فكلهم –في نظر إسرائيل – إرهابيون يجب القضاء عليهم و إبادتهم
لقد ترك الأشقاء في غزة يواجهون قدرهم وتعري النظام الرسمي العربي – كما لم يتعر من قبل –بشكل لم تعد تفلح معه عمليات التجميل أو الترقيع بينما انتفضت الشعوب العربية والإسلامية وخرجت في مسيرات حاشدة مطالبة الحكام بتحمل مسؤولياتهم، وامتدت رقعة الغضب الشعبي إلي خارج الخريطة الإسلامية حيث عمت التظاهرات والاحتجاجات العواصم الأروبية و الأمريكية الجنوبية بل و في الولايات المتحدة و حتى داخل دويلة الكيان الصهيوني، فأينما يممت وجهك تلقك المسيرات والإحتجاجات منددة بالعدوان على غزة و مطالبة بوقف آلة الحرب الجنونية على الشعب الأعزل.
وكم ذهل العالم و هو يتابع الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية الباسلة التي تخط هذه الأيام بدماء شهدائها الزكية -من شيوخ ركع و نساء عزل و أطفال رضع – صفحة جديدة من تاريخ الأمة صفحة تكتب مع إطلالة العامين الجديدين و كأن الزمان قد استدار مرة أخرى مؤذنا بانبلاج فجر الانعتاق و الشموخ و معلنا انقضاء ليل الانكسار و الخنوع.
فتحية إلى غزة في موسم الصمود و الإباء و تحية إلى شنقيط في موكب المؤازرة و الوفاء و ها هي الوثبة الشعبية المباركة تؤتي أولى ثمارها فقد أقدمت الحكومة الموريتانية على خطوة شجاعة باستدعاء سفيرها لدى تل أبيب، و الشعب الموريتاني إذ يحيي هذه الخطوة لا يقبل بأقل من قطع العلاقة المشينة و على وجه السرعة.
و إذا كان بعض أنصار الجنرال محمد ولد عبد العزيز قد حاول -قبل فترة- عقد مقارنة بينه مع الرئيس الفنزويلي هوغو أتشافيز، فإن أمام الجنرال اليوم فرصة ليضفي على هذه المقارنة جزءا من المصداقية فيبادر إلى طرد سفارة الكيان الصهيوني تماما كما فعل العملاق اتشافيز هناك في فنزويلا الثورة.
فهل سنطالع الأسبوع القادم على المواقع الإلكترونية مقالا يحمل عنوان: (بل فعلها الجنرال) ردا على مقال (لن يفعلها الجنرال).

أحمدو ولد الأمين الغزالي
Alghazaly54@yahoo.fr

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button