مقالات

حول تباين مواقف المعارضة من الحوار كتب سيدي علي بلعمش : “الكونستا”

أنباء انفو –   هناك أربعة أحزاب  من المنتدى وعدت ولد عبد العزيز ـ قبل أن يطلق نداء شنقيط ـ بجر المنتدى إلى حوار يخرجه من مأزقه و شاركت في تحرير الورقة التي أرسلها الوزير الأول إلى المنتدى يدعوه فيها إلى “حوار وطني شامل” : هذه الأحزاب هي اتحاد قوى التقدم، تواصل، عادل  و حاتم .

ـ تم تسرب بعض المعلومات عن لقاءات عدة (في الخفاء) بين أطراف من هذه الأحزاب و عدة شخصيات من النظام من بينهم محسن ولد الحاج و أحمد باب ولد المامي و ولد محم و الوزير الأول لسابق. كان من الطبيعي بعد هذا التسرب، أن يهيمن نوع من عدم الثقة على جلسات المنتدى و أن ينعكس ذلك على أدائه في الشارع في كل الفترة الماضية ، لكن المضحك المبكي في كل هذا هو أن هؤلاء كانوا يعتقدون أن أمرهم غير مكشوف، فكانوا يتبادلون على المنابر بانتظام  للتهجم على النظام و يذرفون دموع التماسيح في كل مناسبة  على حال موريتانيا ، متهجمين على أداء النظام و فساد حاشيته. كانت خطة العمل التي رسموا مع النظام على النحو التالي :

1 ـ إطلاق الحوار مع المعارضة.

2 ـ ذهاب ولد عبد العزيز في حملة داخلية، على خلفية الحوار ، تحضيرا لتغيير الدستور و إعداد انتخابات نيابية و بلدية و رئاسية سابقة لأوانها.

3 ـ الدخول (بعد تغيير المواد المانعة لترشح ولد عبد العزيز و ولد داداه و مسعود) في انتخابات نيابية و بلدية و رئاسية على المقا: كانت قراءتهم  التي قدموا  لولد عبد العزيز تنبي على أن ولد داداه و مسعود ولد بلخير لن يمانعا في ي تغيير على الدستور يمنحهما فرصة ترشح أخرى للرئاسيات  و هو ما ظهر من خلال دخول ولد عبد العزيز في حملة داخلية تم تحديد موعدها و الدخول فيها مباشرة بعد رسالة وزيره الأول إلى لمعارضة. أرسل الوزير الأول ولد محمد لغظف رسالته إلى المعارضة و أعلن ولد عبد العزيز عن انطلاق زياراته للولايات الداخلية في جو احتفالي لا شيء يعكر صفو أمزجة أصحابه

. ـ على الجبهة الأخرى، تم اتخاذ قرار (غير معلن) بعرقلة الحوار حتى نهاية زيارات ولد عبد العزيز لإفشال خطتهم و أمضى ولد عبد لعزيز 11 يوما في الحوض من دون أن ينبس بكلمة لأن خطته كانت تعتمد على انطلاق الحوار و بدء حملته الرسمية. في نهاية زيارته لمدينة العيون (عاصمة الحوض الغربي) تم تعيين لجنة الحوار  (بعد معركة طاحنة داخل المنتدى لأن “الممانعين” كانوا يريدونها رسالة صادمة لولد عبد العزيز) فكانت خالية من أي شخص من الأحزاب الأربعة .

و في زيارة ولد عبد العزيز للطينطان (معقل تواصل) ، حشد الإسلامويون منتخبيهم لاستقباله فرفض استقبالهم و في اجتماعه بما يسميه أطر المدينة ، تهجم عليهم بالمكشوف و وصفهم بالمعارضين الفاشلين؛ كانت الناس تعتقد أنه يتهجم على المعارضة بشكل عام كعادته لكن المجموعة كانت تفهم أنه يعنيها هي بالضبط لأن ولد عبد العزيز تفاجأ بأن من كانوا يضمنون له جر المنتدى عن بكرة أبيه إلى الحوار  لم يستطيعوا الحصول على مقعد واحد في لجنة حوار تتكون من أربع أشخاص و ورطوه في دخول حملة لا يعرف كيف ينهيها و لا كيف يخرج منها.

ـ عاد ولد عبد العزيز إلى نواكشوط منهيا ما أسماه المرحلة لأولى من “زيارات التفقد و الاطلاع على مشاكل المواطنين في لداخل” .

في لقائه مع الصحافة بالقصر تهجم على أصحابه في المنتدى و خص ولد الوقف بذكر تاريخ فساده (للتمويه أو للتشفي أو لهما معا).

ـ استعدادا لانطلاق المرحلة الثانية من زيارات التوريط، خططت الأحزاب الأربعة  لعزل التكتل و إقناع ولد عبد العزيز بقبول إطلاق الحوار من دونه لأن دخول التكتل معهم في الحوار سينزع الزعامة منهم من جهة و دخوله في الانتخابات معهم سيقلل من حظوظهم من أخرى، لا سيما في البرلمان و البلديات و كانت خطتهم في أن يفرضوا أمر الواقع على ولد عبد العزيز .

رتبوا مع الوزير الأول كل ما تتطلبه معركة المرحلة من دون أن يعلنوا له ما أسروه بطبيعة الحال. و كان طلبهم في أن يمنحوا فرصة أخرى لتكثيف الاتصالات بأعضاء المنتدى

. ـ على الجبهة الأخرى كان الهدف ثابتا و هو أن لا يبدأ أي حوار قبل نهاية زيارات ولد عبد العزيز و إفساد كل مخططات المجموعة المتواطئة، فتم طرح سؤال الإحراج الجوهري

: “هل ندخل هذا الحوار لإنقاذ ولد عبد العزيز أو لإنقاذ موريتانيا من حكمه”؟ و لأن أخبار اجتماعات المنتدى كانت تصله أولا بأول منهم و من خارجهم و كانت متضاربة في أكثر الأحيان، صب عليهم ولد عبد العزيز جام غضبه في محطة بوغي أو كيهيدي و وصفهم بالمجرمين و الفاشلين و كان يتكلم دائما عن المعارضة بصفة عامة لكنهم كانوا يفهمون جيدا أنه لا يعني غيرهم

..
ـ عاد ولد عبد العزيز من المرحلة الثانية من الزيارات غاضبا، ملغيا زيارة ما تبقى من ولايات (الترارزة، تكانت، آدرار، تيرس ، داخلة نواذيبو و إينشيري)، فطرحوا عليه فكرة الحوار معهم متذرعين باستحالة إقناع ولد داداه و ولد عبيدنا بأي حوار، لكنهم تفاجؤوا بأنه لا يتحرج حتى من وصف الجلوس معهم على طاولة الحوار بعاشر المستحيلات

. ـ بدأ ولد عبد العزيز العمل بنفسه على تحريك الحوار، معلنا  قرب استئناف زيارات ما تبقى من ولايات الوطن و محددا لكل منهم ما يقوم به ، بعد توبيخ ولد محم الذي كان قد أقنعه بقدراته الخرافية على جر الجميع إلى طاولة الحوار ؛ تم وضع خطة العمل بتعاون جميع الأطراف و تحديد دور كل طرف و أعلن ولد عبد العزيز زيارة الترارزة تحديا لولد داداه بصفة خاصة، فتم طرح ممهدات الحوار ليجن جنونهم

: ـ صرخ جميل منصور في وجه من طرحوا الفكرة “هل تريدون محاكمة ولد عبد العزيز؟” و كان لسان الحال يرد عليه بـ”هل تريد أنت توشيحه؟

ـ و قالوا جميعا إن هذه الشروط “تعجيزية” ، فقالوا لهم دعوا أصحاب الشأن يصفونها بذلك إذا لم تكونوا مدافعين عنهم !! و لكي يسخر من ضعف أدائهم ، رد ولد عبد لعزيز على المنتدى بأنه مستعد لحوار “بلا خطوط حمراء”.. ـ تم تثبيت الممهدات و توجيهها إلى النظام في رسالة مكتوبة، أبدى ولد عبد العزيز استعداده للتعاطي معها من دون أي إحراج، معتقدا أنه بهذه الرحابة يستطيع امتصاص حماس الممانعين من خلال رد شفهي معسول يدرك الجميع أنه لا يمتلك باعه

. لقد تعود الموريتانيون على تقبل أي خطأ مهما كنت فداحته حتى أصبح رئيسهم موضع سخرية عالمية بسبب توقيفه لمباراة كرة قدم في منتصف الوقت ؛ من هذا المنطلق قالوا بأن الممهدات يجب أن تكون مواضيع نقاش في الحوار :

أيعقل أن نناقش مع ولد عبد العزيز في حوار وطني، هل سيحترم القانون و يعلن عن ممتلكاته؟ . لقد أراد المنتدى من خلال “الممهدات” أن يلزم ولد عبد العزيز بالتحلي بروح المسؤولية : هل علينا في هذا الحوار أن نتعامل مع رئيس الدولة كحامي للدستور و القوانين أو كخطر عليهما ؟ و أين الأرضية المشتركة لقيام حوار وطني بين هذا و ذاك؟ كانت الممهدات ضربة المنتدى التي قتل بها الطائر

: ـ كشف حقيقة المتواطئين مع النظام من تحت الطاولة.

. ـ و أظهرت لعزيز أن أشياء كثيرة قد تغيرت و أن كل ألاعيب الماضي أصبحت من الماضي. كان ولد عبد العزيز قد أوكل ملف الحوار في البداية إلى ولد محم و أحمد باب ولد المامي و فشلا فشلا ذريعا بسبب حرصهما و عدم استعداد أي منهما صرف أي أوقية  و لو لإعداد عشاء لضيف، فأخذه منهما و كلف به ولد محمد لغظف و ولد أنويغظ : تمت بعض التعيينات ذات الصلة على رأسها وزير المالية الحالي و تمويل مشاريع في مجال الصيد من قبل البنك الوطني الموريتاني و توغل ولد انويكظ في الملف ليتم توشيحه في عيد الاستغلال رغم تحايله على ممتلكات الدولة و مماطلته في دفع ديونها منذ زمن ولد الطائع؛ هذه الإجراءات الناجعة هي التي حركت الفريق بهذه القوة.

و ربما تكون ضغوطهم على ولد عبد العزيز في البداية بسبب عدم فتح هذا الباب السحري المفعول.
كثف الفريق لقاءاته الثنائية بأعضاء المنتدى و أقنع الجميع بأن ولد داداه لا يريد الحوار و لا يقدم حلا بديلا و أن ولد محمد لغظف تم تكليفه  و تخويله من قبل ولد عبد العزيز لاستئناف الحوار من حيث توقف و أن المسؤولية الوطنية تلزمهم بالتواصل معه لمعرفة حقيقة ما عنده.

كان الفخ المنصوب لهؤلاء واضح : ولد داداه و ولد اعبيدنا لن يذهبا في هذه المسرحية القذرة المكشوفة و بمجرد ذهاب غيرهم بالخروج على الإجماع،  لتلبية هذه الدعوة ، يكون الشرخ بينهم قد تم  ليجدوا أنفسهم في جوف واقع عليهم فقط أن يتكيفوا معه و يدافعوا عن أباطيله.

حين جلس ولد بوحبيني و ولد بتاح مع ولد محمد لغظف و ولد محم ، كانا كالقاديمن لتقديم اعتذار؛ لم يتم استقبالهما بحفاوة المستضيف الراغب و لا الوسيط المعترف بالجميل ؛ خيم الصمت لفترة و ببرودة و تغشم تم سؤالهما “ما خطبكما” كأنهما قادمين من خلف الأفق !! أفضت الجلسة إلى وعد (شفهي) بالرد على المنتدى كتابيا (من حيث المبدأ)، إذا تم الاتفاق على ما سيتم تداوله في لحوار ؛ بمعنى آخر “سنرد كتابيا على ممهداتكم إذا قبلتم أن تردوا كتابيا على ممهداتنا”. هنا أحتاج إلى وقفة

: 1 ـ يمكن أن أفهم جيدا أن يقتنع ولد بوحبيني و ولد بتاح بالذهاب في هذه المهمة و بجدوائيتها ، لكنني لا يمكن أن أتفهم أن يصرا على خطئهما بعدما اكتشفا عدم جدية هذه الدعوة و عدم صدقية مساعي أصحابها

. 2 ـ ولد بوحبيني و ولد بتاح محميان كبيران أمضى كل منهما أكثر من عشر سنين نقيبا للمحامين في البلد ، تكالبت أيادي الظلم على كل منهما بتجاوز القوانين و عدم احترام المساطر الإجرائية، فكيف يصران اليوم على عدم الاعتراف بأنهما خرجا على نصوص المنتدى الصريحة في أخذ القرارات داخله بالإجماع؟

3 ـ هل سيعتذر الرجلان للمنتدى أو سيخرجان منه أو سيتمسكان بالباطل مثل بقية الفريق الذي أوكل إليهما تولي مهمة الإساءة إلى المنتدى و العبث بكيانه؟

4 ـ هل يعرف ولد بوحبيني و ولد بتاح أن رد ولد محمد لغظف عليهما في الجلسة القادمة سيكون “كنا مستعدين للرد عليكم كتابيا لكن ولد داداه و ولد اعبيدنا قالا أنكما لا تمثلان المنتدى ، فلا فائدة إذا من هذا الرد، لكننا يمكن أن نجلس للتشاور حول برنامج حوار “بلا خطوط حمراء” . فبماذا ستردان؟

5 ـ هل يفهمان الآن أن هذه النقلة كانت مرسومة كما تمت بالضبط؟

6 ـ  هل يلاحظ الجميع ـ حتى لا يعتقد البعض أنها مجرد خيارات و وجهات نظر تمت بعشوائية ـ  أن ما حدث في المنتدى هو ما حصل في “المعاهدة” بالضبط حيث أصبح عبد السلام و بيجل يصدران البيانات و القرارات باسمها في غياب موافقة مسعود (الرافض لأي تعاطي مع نظام يفكر في العبث بالدستور) و هو ما ينص النظام الداخلي للمعاهدة على عدم جوازه؟ بماذا يمكن أن نعير عزيز اليوم في عدم احترامه للقوانين ؟ هل كلما راهنا في هذا البلد على نخبة ، كان لا بد أن نصدم فيها بفاجعة لا يمكن تبريرها؟

 

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button